الأحد، 8 مارس 2015

الفرق بين النسخ والنسء



إيجازقال تعالى: )ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها(. 
فالنسخ هو الإزالة , وهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي. أي إزالته وعدم جواز امتثاله أو العمل به.
أما النسء أو المنسأ: هو التأخير لغة.
أما النسء اصطلاحا: فيعرف بأنه الأمر بالشيء إلى زوال سببه، ومنه تأخير البيان إلى وقت الحاجة كالأمر بالصبر حتى زوال سببه: كالضعف، وقلة المال , أو المؤونة.
مثاله:
أ - قوله تعالى: )فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره (.
فإن الخطأ القول إن حكم هذه الآية قد نسخ بآية السيف: )فاقتلوا المشركين ( وإنما النسيء الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وأما الحكم في حالة ضعفهم هو الصبر على الأذى. فالمسلمون أمروا بالصبر ؛ لأنهم ضعفاء إلى حين زوال سببه أي الضعف.
ويوضح السيوطي حكم النسء هذا بقوله: " ما أمر به لسبب ثم يزول السبب كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر والصفح ثم نسخ بإيجاب القتال، وهذا في الحقيقة ليس نسخًا بل هو من قسم المنسأ كما قال تعالى: )أو ننسها  ( فالمنسأ هو الأمر بالقتال لما يقوى المسلمون وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى , وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف , وليس كذلك بل هي من المنسأ بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة تقتضي ذلك الحكم بل ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر، وليس بنسخ إنما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله " ويقول مكي بالنسبة لنفس الآية: " إن ما ورد في الخطاب محكم غير منسوخ ؛ لأنه مؤجل بأجل، والمؤجل بأجل لا نسخ فيه ".
ب - قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ( فحكم الآية: هو الأمر بالصبر حيث المسلمون في ضعفهم والدعوة في أولها، وأنسئ أمر القتال إلى حصول القوة من بعد ضعف وفهم ذلل من نزول آية السيف.
ويفصح الزركشي هذا المعنى بقوله: " وهو سبحانه وتعالى حكيم أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم حين ضعفه ما يليق بتلك الحال ؛ رأفة بمن تبعه ورحمة، إذ لو وجب لأورث حرجًا ومشقة، فلما أعز الله الإسلام أو بأداء الجزية - إن كانوا أهل كتاب - أو الإسلام أو القتال إن لم يكونوا أهل كتاب، ويعود هذان الحكمان أعني: المسالمة عند الضعف، والمسايفة عند القوة بعود سببهما، وليس حكم المسايفة ناسخًا لحكم المسالمة بل كل منهما يجب امتثاله ".

المصدر / الجامع للحديث النبوي


إجمالي مرات مشاهدة الصفحة