الأحد، 29 ديسمبر 2013

مـقـاصــد الـعــقـائــد


أ. رياض أدهمي

العقائد هي مجموعة الحقائق الكونية التي تشتد الحاجة إلى الإيمان بها و تصديقها لتكون المرجع و التصورالذي  يمكّـن الإنسان من التعامل مع الوجود و معرفة مكانته و دوره  فيه ، و تشكل العقائد بهذا معيار الإنتماء  إلى جماعة دينية أو منظومة فكرية . 
و الحقائق الكونية في مبدئها و منتهاها لا تنحصر ، وعلم هذه الحقائق الكونية واسع لا يحيط بسعته و شموله أحد من الخلق ، ذلك العلم الذي وصف القرآن الكريم سعته و امتداده بقوله :
﴿و لو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام و البحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله﴾.  و قد اختار الله سبحانه و تعالى أن يُطلع عباده على طرف من علمه في مجال الغيب المكنون ،  في أمور تتعلق بذاته عزّ و جـلّ و صفاته ، أو  بالخلق و التكوين أو الأمر و النهي أو  المآل و النهاية التي تنتظر الكون و ما فيه ،  أو غير ذلك من الحقائق الكونية ، و ذلك ضمن آيات معـدودة  من آيات القرآن الكريم
 و قد اختارالله سبحانه و تعالى لخطاب عباده بما يجب عليهم الإيمان به و تصديقه اسلوب بيان الحكمة و الغاية و المقصد و بيان أثر الإيمان بآحاد قضايا الإعتقاد و جملتها على سلوك الإنسان و مزاجه و استقرار قلبه و اتزان عقله و انضباط مشاعره . إن البيان القرآني طافح باستعمال اسلوب التعليل و بيان الغاية و المقصد في سياق آيات العقائد و قضايا الإيمان تماماً كعادته في سياق آيات الأحكام العملية .
 وهنا نتساءل عن السبب الذي صرف  العلماء عن التوسع في شرح امتداد النمط القرآني في التعليل إلى آيات العقائد و الإيمان و أخبار الغيب . و ندرك أن خطاب القرآن الكريم و أسلوبه  في عرض قضايا الإيمان بحاجة إلى من يرتاده و يدرسه و  يتأمل في آفاقه و خصائصه و مقتضياته ، و هو ما اخترنا أن نطلق عليه اصطلاحاً  "مقاصد العقائد".
 بحث علماء الشريعة عن المعاني و الحِكَم و الغايات و المقاصد المبثوثة في النصوص و ذلك  في سياق بحثهم عن علل الأحكام العملية التفصيلية، و استخدموا مبدأ القياس ووضعوا شروطاً للعلل التي تصلح أن تكون سبباً في تعدية الأحكام الشرعية  تطبيقاً للأمر:  ﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾.
فأهل البصر و البصائر يبحثون عن المعاني التي تجتمع في الأمور و الأوضاع ليحكم العقل بأن مآل هذه الأمور و الأوضاع في النظر الشرعي يجب أن يكون واحداً.
و قد استعمل العلماء آلية القياس للنظر في الأمور الجديدة التي لم تستوعبها النصوص و أسعفهم في ذلك منطق التعليل الذي شكل لحمة البيان القرآني و سداه.
و قد ملأ الحديث عن العلة و التعليل و مسالك العلّة و ضبطها كتب أصول الفقه ، و طال الجدال عن الترجيح بين الآثار و القياس ، و توسع النظر من  القياس الجزئي إلى القياس الكلي و ما يؤول إليه من اعتبار المقاصد ، و لكن الملاحَظ أن كل هذا الحديث كان يدور حول الأحكام العملية من تصرفات و معاملات و عقود و مبادلات . أما الشعائر و العبادات فقد دار الحديث عن أحكامها بمعزل عن التوسع في استعمال آلية القياس ، فالعبادات لا ينظر فيها إلا إلى معنى الخضوع و الإمتثال ، و أحكامها " توقيفية " بمعنى الوقوف في شأنها عند ما حد الشارع بدون زيادة و لا نقصان . و شاع استعمال وصف التعبدي في أحكام الشعائر في مقابل الأمور معقولة المعنى التي تشمل أحكام المعاملات و التصرفات.
و قد تطرق كثير من العلماء إلى الحديث عن أسرار العبادات و معانيها و ما يجب على العبد أن يستحضره عند الدخول فيها ، و شاع ذلك في كتب التربية و الزهد و الرقائق حيث يمثل كتاب "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي نموذجاً واضحاً للتوجه الذي يبحث في معاني العبادات للنظر فيما يجعلها حية مؤثرة تحقق معنى التزكية ، و ليس من قبيل النظر في المعاني لاكتشاف العلل و تعدية الأحكام و توسيعها بالقياس.
و عند العودة إلى القرآن الكريم و البحث عن منهجه في الخطاب لتأسيس قضايا الإيمان و بيان الأسباب و الحِكَم و المعاني و موجبات الإعتقاد ، نجد أن خطاب القرآن يتعامل مع العقل الإنساني بثقة و اعتراف و احترام. فمن المؤكد أن الله سبحانه و تعالى يكفي في خطابه لعباده أن يُـخبِـر حتى يكون الخبر لازماً للتصديق ، أو  يأمر و ينهى ليكون الأمر لازماً في أعناق العباد دون حاجة إلى تعليل وشرح و بيان لموجبات الإخبار أو الأمر و النهي . و لكن بيان القرآن الكريم كان في كل إخبار عن الغيب أو كلّ  أمر و نهي يخاطب الإنسان و يترفق به  و يستميله للتصديق والطاعة و الإستجابة ببيان أسباب الأمر و علل النهي و موجبات التشريع و عاقبة الإمتثال في الدنيا و الآخرة و عقابيل الإعراض و عقوباته في الدنيا قبل الآخرة ، حتى وصل العلماء من استقراء هذا النمط في القرآن الكريم إلى القول بأن تكليف ما لا يُعقل هو من تكليف ما لا يُطاق و الذي تنـزّهت عنه شريعة الرحمة .
و عند الوصول إلى هذه النقطة و استقرار قاعدة التكليف وتأسيسها على العقل و الفهم و الإدراك  ، فإن  ما يلفت النظر في الخطاب القرآني في أمور الغيبيات و الإيمانيات هو خطابه العقلي و نمطه التعليلي، فالقرآن يخاطب و يتحدى و يستثير عقلاً ناقداً بصيراً إلى درجة أن القرآن يصم الذين لا يؤمنون بفقد القدرة على استعمال عقلهم أو الإنتفاع بمصادر العلم و المعرفة عندهم. فالإيمان في القرآن هو صنو العقل و الفطرة ، و ليس في قضايا الإيمان ما يتعارض مع المعاني الضرورية و البدهيات المركوزة في العقل الإنساني ، و كل ما أحيل فيه العقل إلى التسليم و القبول هو من قبيل الكيفيات التي يطمح الإنسان إلى معرفتها و لكنه لم يؤهل لفهمها لأنها تنتسب إلى إطار آخر خارج حدود الزمان و المكان التي تشكل إطاراً لعمل العقل الإنساني و مجال إبداعه و تفاعله.
فليس في قضايا الإيمان ما يتعارض أو يتناقض مع العقل أو يوقعه في الحرج ، و لكن فيها ما يذكر الإنسان بقصوره و ضعفه و ما يمنعه من التنطع في البحث عن كيفيات ليس عنده مصادر معرفتها أو وسائل اختبار ظنونه بشأنها .  
و أول ما نلاحظه في الخطاب القرآني في أمور الإيمانيات و الغيبيات هو توجهه العملي ، فما اختار الله سبحانه أن يُخبر عباده بشيء من الغيب إلا لوجود أثرٍ للعلم بذلك الغيب على  سلوك المؤمن و مزاجه و طريقة تناوله و معالجته للأمور . وملاحظة هذا الأفق العملي في بيان آثار قضايا و مفردات الإيمان على السلوك و المشاعر و المزاج يوجه المؤمن عند دراسة الإيمانيات  بعيداً عن التجريد و التعقيد الذي صبغ علم الكلام و صياغات كتب العقيدة .
 فإذا درسنا الخطاب القرآني في عرضه لمفردات قضايا الإيمان بهذه الطريقة نكون بذلك قد حققنا هدف القرآن في ربط الإيمان بالعمل و ربط قضايا الإيمان بالتوجهات العملية للمؤمنين و  ما يجب أن تكون عليه ثقافتهم و نمط حياتهم و علاقاتهم بما يفتح باباً من الفهم في معرفة مقتضيات و متعلقات  قضايا الإيمان .
و مما يتعلق بهذه النقطة دراسة الأحوال العملية و السلوكية للأفراد و الجماعات التي لم تعرف في ثقافتها طرفاً من الإيمانيات و قضايا الإعتقاد ، و متابعة نمط حياتهم و الصعوبات التي طبعت مجتمعاتهم و ما كانوا فيه من عنت و مشقة ترتبط بمقتضيات ما أنكروه من قضايا الإيمان أو ما تورطوا فيه من تصورات بشرية وثنية قاصرة .
و في هذه العجالة سنحاول استعراض طرف من النمط القرآني في عرض قضايا الإيمان بما يوضح آثارها و ما يريده القرآن من عرضها ، و ذلك لتأسيس طريقة لفهم الخطاب القرآني و ربط العقل و القلب بحقائق الوجود بشكل تظهر فيه إمكانيات التزكية و التطهير لعلاقة القلب بالحق و تنـهه عن الخرافة و الأباطيل . 
لقد أخبر الله سبحانه عباده بمواطن ضعفهم و قصورهم ، فهو الذي خلقهم و هو أعلم بهم . فالإنسان كما وصفه ربه فيه هشاشة و رعونات :
·        ﴿إن الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر جزوعاً، و إذا مسه الخير منوعا﴾
·        ﴿و كان الإنسان قتوراً﴾
·        ﴿و كان الإنسان ضعيفاً﴾
·        ﴿و كان الإنسان أكثر شيء جدلاً﴾
·        ﴿و كان الإنسان كفوراً﴾
·        ﴿إن الإنسان لظلوم كفّار﴾
·        ﴿إن الإنسان لربه لكنود﴾
·        ﴿زين للناس حب الشهوات﴾

و قد أخبر الله سبحانه أن علاج هذه الرعونات و مواطن الضعف الإنساني لا يكون إلا بالإيمان بالله و الإلتجاء إلى حماه . فالإيمان بالله و ذكره و التعلق به و التوكل عليه هو الركن الشديد الذي  تزكو به النفس و تسمو و تعيش الأمن و العدل و السعة :
·        ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾
·        ﴿الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون﴾
فالإيمان بالله عزّ و جـلّ يمثل الحقيقة الكونية الكبرى ، و القرآن الكريم يضع هذه الحقيقة و يطالب بالخضوع لها في إطار دورها في التزكية للنفس و التحدي للرعونات والتماسك عند الضعف ، و ليس في إطار الإلزام العقلي البارد الباهت الذي لا يزكـّي و لا يغري بفضيلة أو خير.
*        *        *
و من أوضح الآيات الدالة على نمط التعليل في عرض معاني و مقتضيات الإيمان قوله تعالى: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير . لكي لا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم﴾.
فالآية الكريمة تقرر حقيقة علم الله المطلق الشامل و تقرر في الوقت نفسه حقيقة أثر الإيمان بعلم الله على النفس المؤمنة عصمةً من التحسر و الحزن المضيع للوقت و الطاقة في حال الفشل و فوات الأمنيات ، و عصمة من الكبر و البطر و التبجح في حال النجاح و اتصال العطاء . و من الواضح أن اسلوب التعليل في قوله تعالى ( لكي ) يشكّل في سياق الآية الرابط العملي بين قضية الإيمان بشمول علم الله و بين السلوك الإيماني المتماسك في مواجهة فتن الخير و الشر.
*        *        *
و يعرض القرآن الكريم قضية غاية الخلق و يقرر حقيقة المسؤولية الفردية في أمثال هذه الآيات:
·        ﴿أيحسب الإنسان أن يترك سدى﴾
·        ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً﴾
·        الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً
فالتعليل لبيان غاية الخلق يشكل إطار الفهم لـلغز الحياة ، فيصرف المؤمن جهده و طاقته لإحسان العمل و تعميم النفع و الإستعداد للمحاسبة ، و لا يضيع عمره في محاولة فهم ما لا ينبني عليه عمل من أمور الغيب.
*        *        *
و يعرض القرآن الكريم قضية الإيمان بالرسل و تصديقهم واتباعهم في إطار بيان الأثر العملي الذي تتركه تعاليم الأنبياء على تزكية الحياة البشرية و حياة الأمم و الشعوب:
·        ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط﴾
·        ﴿و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم﴾
·        ﴿و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾
فالآيات تطالب الإنسان بالإيمان بالرسل ليستقيم معيار القسط و يتم البيان بما تقوم به الحجة و لتتجلى الرحمة باستقرار العمران برفع موارد الظلم و الطغيان . و التعليل في هذا الخطاب واضح جلي يحرض العقل على التفكير و التأمل في علاقة البشر بالهداة من الرسل و تعاليمهم وما تؤصله في حياة البشر من معيار للحق و العدل و ما تصيغ به القلب من محبة للأسوة و القدوة. و لعل من المفيد أن نتأمل التعقيبات و التعليقات التي وردت في القرآن الكريم عند سرد قصص الأنبياء و الرسل ، و هي ما عبر القرآن عنها بأنها من أخبار الغيب ، فمن الواضح أن السياق القرآني يضع أخبار الرسل في إطار البيان لعبر التاريخ و عاقبة الصبر و الثبات و مآل التكذيب و الجحود و ضرورة التربية و الإستعداد و التنبيه إلى سنن التدافع و التعارف و التداول ، ليرتقي المؤمن بعد الفهم لأغراض قصص الأنبياء  إلى الفهم الكلي لحركة التاريخ و دور الإيمان في سعي الإنسان .
*        *        *
ويعرض القرآن الكريم قضية الكفر و الجحود و الشرك و ينفر من التورط فيها و ذلك من مدخل عملي يبين أثر الشرك على النفس الإنسانية و ما يكشفه من عيوبها و هشاشتها و رعوناتها :
·        ﴿و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً﴾
·        ﴿كلا إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى﴾
·        ﴿و من يشرك بالله فكأنما يصّـعّـد في السماء أو تهوي به الريح في مكان سحيق﴾
·        ﴿و من يشرك بالله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّـعّـد في السماء﴾
·        ﴿والذين كفروا مثلهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً و نداءً صمٌّ بكمٌّ عميٌ فهم لا يعقلون﴾
فالإنسان عندما يتنكر لفطرته و يجحد خالقه أو يظن إمكانية الإستغناء عن هداه ، يتبدى خواؤه و يقف وحيداً في مواجهة لغز الحياة ، فيشعر بالعدمية و الفراغ و العبثية و التمزق . و يفقد في خضم الانسياق مع الأوهام قدرتَه على الإنتفاع من مصادر العلم و المعرفة. 
و مما يتعلق بما نحاوله من سبر مقاصد العقائد في القرآن و بيان المتعلقات العملية للإيمان، دراسة الآثار السلوكية و مقتضيات العلم و الإيمان بأسماء الله الحسنى . و هذا منهج تربوي عملي يجعـل حياة المؤمن في كل لحظة من حياته محاولة للإستجابة المناسبة لما يطلع عليه و يلاحظه أو يعيشه من تجليات الله سبحانه باسم من أسمائه في الكون أو حالات القلب أو خواطر التفكير . و هذا الأفق من النظر في مقاصد العقائد يجعل التوحيد لله عز و جل هو محور الفهم و التفسير و مجال التفكير و التدبر و الإتعاظ . و هذا الأفق من الفهم أيضاً يحاول عقد الصلة بين ما يذكره الله سبحانه من أسمائه و صفاته في نهاية الآيات من القرآن الكريم و بين موضوع الآيات و مضمون الخطاب من أمر أو نهي بحيث يكون الفهم لمعاني الأسماء و الإنضباط بآدابها معيناً على الإلتزام بالأمر و تحقيق مقاصده في تزكية النفس و عمارة الكون .
فالصلة بأسماء الله تعالى و صفاته تعود إلى وضعها الصحيح عندما تكون دليلاً في ساحة العمل و الإبتلاء ، فقد جاءت هذه الأسماء شاملة و مقابلة لحركة الإنسان ليتعلق بها في جميع حالاته التي تعرض له في واقعه و دنياه . و لعل هذا المعنى هو الذي أشار إليه الإمام البيهقي في شرحه لحديث الأسماء الحسنى الذي رواه البخاري ومسلم " إنّ لله تسعةً و تسعين اسماً ، مائةً غير واحد ، من حفظها دخل الجنة" . قال الإمام البيهقي في معنى – من حفظها – أي من أطاقها بحسن المراعاة لها و المحافظة على حدودها في معاملة الرب بها .
و إذا حاولنا استعارة المنطق التعليلي الذي استعمله العلماء و الفقهاء لإثبات المقاصد و المصالح في الأحكام الشرعية ، و الذي توصلوا من خلاله إلى القول بأن نفي العبث عن الله سبحانه و تعالى أفعاله و أحكامه يؤدي إلى إثبات المعاني و المصالح في الأحكام ، هذه المعاني و الأحكام التي لا بد أنها تعود إلى ما يتعلق بسعادة الإنسان و طيب عيشه في الدنيا و ليس إلى ما يتعلق بالله سبحانه فهو الغني عن العالمين لا تنفعه طاعة الطائعين و لا مخالفة العاصين .
 إذا استعرنا هذا المنطق فإننا نتوصل إلى القول بأن ما اختارالله سبحانه أن يعلمنا به  في القرآن الكريم أو على لسان نبيه من أخبار الغيب من أوصافه و أسمائه – سبحانه -  أو أسرار خلقه و عجائب صنعه، لا بد و أن يكون له سبب و معنى يليق بكمال الله و بعده عن العفوية و العبث .
فما ذكره الله سبحانه من أسمائه و صفاته هو طرف و جزء من الأسماء التي استأثر الله سبحانه بعلم الكثير غيرها مما لم يذكره في كتابه أو علّـمه أحداً من خلقه . و ليس هناك من سبب لذكر ما ذكره الله من الأسماء إلا لأثرها البيّن الواضح على نفس الإنسان و أخلاقه و تصوراته و سلوكه.
و من خلال هذه اللفتات نأمل أن نكون قد فتحنا باباً و أصـّلنا توجهاً في في فهم آيات العقائد و أخبار الغيب . فليس الإمتاع و الإغراب و التشويق – أو غير ذلك من الأغراض الفنية الأدبية  -  هي من مقاصد آيات و أخبار القرآن ، بل التزكية و الآثار العملية السلوكية و الإستجابة لكل نوازع النفس البشرية و ضعفها أو مكامن ترقيها و سموها في العالمين .
و بهذا التوجه العملي نرجو أن يحل الكلام عن مقاصد العقائد محل الجدل العقيم و السفسطة الفارغة... لتتأكد صلة الإيمان بالعمل و صلة العقائد بتزكية القلب و توجيهه إلى الخير.

هناك تعليق واحد:

  1. بورك فيكم أنا الآن أبحث موضوعا بعنوان مقاصد العقائد عند ابن الزبير الغرناطي في ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل ،أرجوا منكم المساعدة وشكرا

    ردحذف

نرجو افادتنا واغنائنا بتعليقاتكم

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة